خطر غولن- دروس من تركيا لحماية أوطانكم

إننا نشارككم تجربة قاسية ومفجعة مررنا بها في ربوع تركيا. قد تكونون قاطنين في أقاليم أخرى بعيدة، وربما لا تربطكم بنا صلة مباشرة، بيد أن مأساتنا وتجربتنا المرعبة قد تثير اهتمامكم وتعود عليكم بالنفع.
ماذا جرى في تركيا قبل 8 سنوات؟
قبل ثمانية أعوام خلت، وتحديدًا في الخامس عشر من شهر يوليو/تموز لعام 2016، كانت تركيا على شفا فقدان استقلالها وسيادتها الوطنية. ففي ذلك التاريخ المشؤوم، أقدم تنظيم "فتح الله غولن" الإرهابي، المدعوم بسخاء من قِبل قوى أجنبية، على تنفيذ محاولة انقلاب عسكري غاشم.
في غضون ذلك اليوم العصيب، زحفت الدبابات، وحلقت الطائرات، وحامت المروحيات في سماء المدن، لشن هجمات وحشية على البرلمان، والمقر الرئاسي، ورئاسة الأركان، والمراكز الإعلامية الحيوية، والمؤسسات الحكومية الهامة في شتى أنحاء البلاد.
ماذا حدث في تلك الليلة؟
لكن هذه المحاولة الانقلابية البائسة واجهت مقاومة شعبية باسلة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا. فبعد دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان الموجّهة إلى كافة المواطنين بالنزول إلى الشوارع، تصاعدت وتيرة المقاومة الشعبية ضد الانقلابيين.
اندفع الشعب التركي الأبي إلى الشوارع والساحات العامة لحماية دولته، وصون استقلاله، والدفاع عن رئيسه المُنتخب وحكومته الشرعية. تجلت الشجاعة النادرة في أبهى صورها، حيث تصدى المواطنون للدبابات بصدورهم العارية، وحاولوا بكل ما أوتوا من قوة إيقافها، وألقوا بأنفسهم أمام المدرعات العسكرية لمنعها من التقدم، وقاوموا الجنود المسلحين ببسالة وإصرار منقطعي النظير.
وفي نهاية المطاف، باء الانقلاب بالفشل الذريع.
استشهد في ذلك اليوم المأساوي 251 مواطنًا تركيًا، وأصيب أكثر من 2000 شخص بجروح متفاوتة. ولكن بفضل تضحيات هؤلاء الأبطال الشجعان، تمكنا من النجاة من كارثة محققة كانت ستقضي على الأخضر واليابس.
أما الجانب الأكثر أهمية وإثارة للاهتمام في هذه التجربة الأليمة والمروعة، فهو:
بلادكم أيضًا في خطر
لقد تستر تنظيم "فتح الله غولن" في بلادنا تحت ستار جماعة دينية، وكان يمتلك المئات من المدارس والمعاهد والجامعات التي تعمل في مجال التعليم. كما كان التنظيم نشطًا على نطاق واسع في قطاعات الإعلام، وعالم الأعمال، والبيروقراطية الحكومية.
دأب التنظيم على تجنيد عشرات الآلاف من الأطفال الأذكياء والنبهاء في سنّ مبكرة، وغرس فيهم أفكاره المسمومة، وتدريبهم وفقًا لأهدافه السرية والخبيثة. ومن ثم، قام بزرع هؤلاء الأشخاص في مناصب حساسة ومهمة في الدولة، والجيش، والمؤسسات الإستراتيجية. بعد ذلك، قام التنظيم بإجبار هؤلاء الأشخاص – الذين غسل أدمغتهم وبرمجهم – على العمل ضد الدولة والحكومة؛ لأن زعيم التنظيم، فتح الله غولن، كان يقيم في أميركا وكان خاضعًا لسيطرتهم المطلقة.
لكن هذا التنظيم الإجرامي لا ينشط في تركيا فحسب، بل يمارس أنشطته المشبوهة في حوالي 100 دولة أخرى حول العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، والقارة الأفريقية، والقارة الآسيوية، والقارة الأوروبية. وهذا هو الجانب الذي يهمكم وينبغي أن يثير قلقكم.
يمارس التنظيم أنشطته المتنوعة في مجالات التعليم، والإعلام، وعالم الأعمال، والبيروقراطية الحكومية في تلك البلدان أيضًا. ويعمل على جمع الأطفال الأذكياء واليافعين المتفوقين هناك، ويقوم بتدريبهم وغسل أدمغتهم لتحقيق أهدافه الدنيئة ومآربه الخبيثة، ويحولهم إلى روبوتات بشرية مطيعة تنفذ أوامره دون تفكير.
وهذا يعني أنكم قد تشهدون أيضًا أحداثًا مؤلمة ومأساوية مماثلة في يوم من الأيام، لا قدر الله.
الاستيلاء على الحكم
عندما تتعارض مصالح بلدكم مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية، انتبهوا جيدًا لمؤسسات ومدارس ووسائل إعلام ورجال أعمال تنظيم "فتح الله غولن" العاملين في بلدكم. ستلاحظون أنهم يلتزمون الصمت المطبق، ولن ينبسوا ببنت شفة. لن يتحدثوا أبدًا بانتقاد أميركا أو إسرائيل. وإذا تفاقمت الأزمة، فسيبدؤون في توجيه الانتقادات اللاذعة لحكومتكم. وفي نهاية المطاف، عندما تتلقى الإشارة من أميركا، سيحاولون السيطرة على مقاليد الحكم في بلدكم، والعبث بمقدراته ومستقبله. لا شك في ذلك إطلاقًا.
احذروا بشدة من الأشخاص الذين تخرجوا في مدارس هذا التنظيم المشبوه، ثم بدأوا العمل في المؤسسات الحيوية لبلدكم. تيقنوا أن لديهم جميعًا أجندة خفية، وخطة مُحكمة، وحسابات دقيقة لخدمة مصالح التنظيم وأهدافه الخسيسة، وليس لخدمة دولتكم وشعبكم. صدقوني، هؤلاء الأطفال لم يعد لهم أي ولاء لبلدكم الأم، بل أصبحوا مجرد أدوات طيعة في يد تنظيم إرهابي لا يمتلك هوية ولا ينتمي إلى وطن.
إجراءات عاجلة
أعلم علم اليقين أنه في العديد من الدول العربية، توجد مدارس تابعة لهذا التنظيم الإجرامي، وجميعها تعمل تحت أسماء وشعارات مختلفة ومضللة. قد لا يصدق أصدقاؤنا الذين يقرؤون هذه السطور ما أقوله، ويعتقدون أن أعضاء هذا التنظيم، الذين يظهرون التدين والورع الزائف، ويلتزمون بالشعائر الإسلامية، هم أبرياء ومسالمون ولا يشكلون أي خطر.
قد يظنون أن هناك خلافًا شخصيًا بين الرئيس رجب طيب أردوغان وهذا التنظيم، لكن الأمر أبعد ما يكون عن ذلك. هذا التنظيم يستغل الدين الإسلامي الحنيف، ويتلاعب بمشاعر الناس الأبرياء ليقوم بأعمال خطيرة جدًا، وعلى رأسها الأنشطة الاستخباراتية والتجسسية. تُجمع هذه المعلومات الحساسة لاستخدامها ضد بلدكم وشعبكم؛ لأن هذا التنظيم الإرهابي يخضع لسيطرة أميركا بشكل كامل، ويعمل على تنفيذ مخططاتها وأجندتها، ولا يعمل إطلاقًا من أجل خدمة القضايا الإسلامية أو الدفاع عن مصالح المسلمين.
استفيدوا من تجربة تركيا المؤلمة والمريرة، وبادروا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لطرد هذا التنظيم الخبيث من بلدكم، وتطهير أراضيكم من شروره وآثامه.